هو ابو الحارث بن حجر الكندي ، امه اخت المهلهل وكليب ، ولد في نجد سنة 500 ميلادي ، وعاش في اللهو ونظم الشعر ، فطرده ابوه ، فسمي بالامير الطريد ، فراح يتنقل بين الاحياء فلقب بالملك الضليل .
اجمع النقاد بانه شاعر وجداني وله المنزلة الاولى بين الشعراء الجاهليين ، وقد كان امرؤ القيس ذا نفس عاطفية شديدة الانفعال ، فشعره يمتاز ببديع المعنى ودقة النسيب ومقاربة الوصف .
فمعلقته تحتوي على الهم والغم والبكاء على الحبيب ، ومنزل الحبيب ، وفيه الغزل العفيف والماجن ، وفيه وصف الليل ، فهو اول شاعر اطال الوقوف على الاطلال وبكى ، وان كان قد سبقه الشاعر ابن جذام لذلك .
فانه امير لهو وصيد ومغامرات وبطل متشرد ، عندما سمع بمقتل ابيه قال: «ضيعني ابي صغيرا ، وحملني دمه كبيرا» فودع اللهو والترف ، فاخذ يستعد للمطالبة بالثار ، وقد تفشى في جسده داء الجدري واودى بحياته سنة 540م .
و من أجمل ما كتب نستعرض لكم الآتي :
لــمــن طــلـلٌ بــيـن الـجُــديـةِ والـجَــبلْ *** مـحَـلّ قـديـمُ الـعـهـد طـالــتْ بـه الــطٌّــولْ
عــفا غــيَــر مــرتـادٍ ومــرّ كــسُـرْ حــوبٍ *** ومَـنُـخَـفِــض طـــامٍ تــنَــكَّـر واضْــمـحَــلّْ
تــنــطّـح بـالأطـلالِ مـــنــــه مـجــلـجَــل *** أحًـــمُّ إذا احـمـومَـتْ سـحـائـبـه انْـسـجـلْ
فـأنـبـت فـيـه مـن غَـشَـنْـضٍ وَغـشْـنــضٍ *** ورونَـــقِ رَنْـــدٍ والَّـصــلَــنْـدَدِ والأََســـلْ
وفــيــه الـقَـطــاَ والــبـــومُ وابـن حـبَــوْكَــل *** وطــيرُ الـقـطـاطــى والـيَـلـندَدُ والـحَجَــلْ
وَعُــنــثَـلـةُ والـــخَـــيُْوان وبَـرْسَــلُ *** وَفَْــرخُ فـــريـقُ والــرَّفـلَّـةُ والرَّفـلْ
وهــامُ وهَــمْــهَــامُ وطــالِــعُ أنـــجـــدٍ *** وَمُـنْـحـبِـكُ الـرّوقْـينِ فـي ســيــره مَــيَــلْ
فـلــمــاّ عــرفْـــتُ الــداَّر بَــعْـــدَ تـوهّــمــىِ *** تَكفـكَـف دمـعي فـوقَ خَـدَّىَّ وانْـهَـمــلْ
فـقـلـت لـهـا يـا دار سـلـمـى ومــا الــذي *** تـمـتّـعـتِ لا بُــدَّلــتِ يــا دارُ بــالْــبَــدَلْ
لــقــد طـالــمــا أَضـحــيْــتِ قَــفْـراً ومـأْلــفـاً *** ومـنـتـظـراً لـلـحَـىّ مَــنْ حَــلّ أَو رَحَــلْ
ومَــأْوًى لأبـــكــارٍ حـــسـانٍ أوانٍـــــس *** ورُبّ فــتّـى كالـلــيـثِ مـشـتــهـرِ بَــطَــلْ
لـقــد كـنــت أَسـبـى الـغِـيـد أَمــرد نـاشـئـاً *** ويسـبـيـنـنى مــنــهـنَّ بـــالــدَّلَّ والــمُـقَــلْ
لــيــالِـىَ أسْــبِــى الـغـانــيـاتِ بــجُــمَّــةِ *** مُـعَـثْـكــلــةٍ ســـوداء زيَّــنــهــا رَجَـــلْ
كــأَنَّ قـطــيــرَ الــبـانِ فـى عُـكُـنـاتِـهــا *** عـلى مُنْـثَـنًى والمنـكـبـيْـن عــلى رَطَــــلْ
تــعــلّـق قــلــبـى طــفــلــةً عـربــيَّـةً *** تـنـعَّــمُ فـى الـديـباجِ والـحَـلْى والـحُـلَــلْ
لــهــا مـقــلـةُ لـــو أَنــهَّـا نــظـرتْ بــهــا *** إلــى راهــبٍ قــــد صـامَ لِــلــهِ وابـتَـهَــلْ
لأصــبـح مـفــتــونـاً مــعــنّـى بــحــبَّــهــا *** كـأن لــــم يــصـم لله يــومـاً ولــم يُــصَـلّْ
ألاربَّ يـــومٍ قــــد لــهـــوتُ بــدَلَّــهــا *** إذا مــا أبــوهـا لـيــلـةً غـاب أو غَــفَـلْ
فـقــالــت لأتــــــرابٍ لـهــا قـــد رمــيــتــهُ *** فـكـيـف بــه إن مـات أو كـيف يُـحـتَْـبــلْ
أيـخـفـى لـنا إن كان فـي الـلـيـل دَفــنُْــه *** فَـقُـلْــن وَهَـلْ يَـخْـفَـى الـهـلالُ إذا أَفَــلْ
قـتـلـتِ الـفـتـى الـكـنـدِىَّ والـشـاعــرَ الــذَّى *** أقـرّت لــــه الـشُّـعَّـارُ طـرًّا فــيـا لَـعَـلّْ
لِـمَــهْ تقـتـلـى المـشـهـور والـشـاعـر الــذى *** يـفــلّق هــامَات الــرجـال بــلا وَجَــلْ
كـحلــتِ لـــه بـســحـر عـيـنـيـك مُـقــلَــةً *** وأسـبـلـتِ فـرعاً فـــاق مـسـكـاً إذا انْـسَـبَـلْ
ألا يــابــن غَــيــلان اقـتـلــوا بــابــن خـالِــكُــمْ *** وإلاَّ فــمـا أنْـــتُــمْ قــبــيــلُ ولا خَـــوَلْ
قـتـيـلُ بـوادى الـحــبَّ مـن غــير قـاتــلٍ *** ولا مــيَّــت يـــعَــزِى نُـــهــاكِ ولا زُمـــلْ
فـتــلــك الــتـي هــام الـــفـــؤاد بـحـبّـهــا *** مـهـفـهـفــةُ بــيــضـاءُ دٌرّيــــة الـقٌـــبَــلْ
ولـــى ولـهـا فـي الـنـاس قــولُ وُسـمـعـةُ *** ولــى ولــهـا فــي كــلّ نـاحـيـةِ مَــثَـلْ
رداحُ صَــمُــوت الـحِــجــل تـمــشــى تـحَــيّــراً *** وصـرّاخـة الحِجـلـيْـن يـصـرُخْـنَ فـي زَجَــلْ
غـمـوضُ غـضوض الحِـجل لـو أنـها مـشت *** بـــه عــنــد باب الَّسبْـسَـبـيَـن لَـلاَنـفـصـلْ
وكانت هاته القصيدة أول ما قاله امرؤ القيس
فقال أبوه هذا ليس با بني ، إذ لو كان كذلك لقال شعراً فقال لاثنين من جماعته خذاه واذهبا به إلى مكان كذا فاذبحاه فمضيا به حتى وصلا المحل المعين فشرعا ليذبحاه فبكى وقال:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * بسقط اللوا بين الدخول فحومل
فرجعا به إلى أبيه وقالا هذا أشعر من على وجه الأرض ، قد وقف واستوقف وبكى واستبكى ونعى الحبيب والمنزل في نصف بيت ، فقام إليه واعتنقه وقبله وقال أنت ابني حقاً،،